HOME Page Latest Videos Forum News

اليمن في ظل الإسلام اليمن القديم و النظم المدنية
اليمن في العصر العباسي اليمن في العصر الأموي
الدولة الرسولية 626-858 ه/1229-1454م الحكم الأيوبي  569-626 هـ /1173-1229م

الزيديون والأتراك

الدولة الطاهرية 855- 923هـ/1451-1517م

الثورة والوحدة

المملكة المتوكلية  والاستعمار البريطاني

المملكة المتوكلية اليمنية والاستعمار البريطاني

كان الإمام يحيى في الحرب العالمية الأولى قد وقف على الحياد فلا حارب الأتراك في جهاته مستغلا الظرف ولا شاركهم مع باقي قبائل اليمن الأسفل في حربهم القصيرة ضد المحميات في الجنوب والتقدم إلى لحج ، وقد ضمنت له هذه السياسة الحفاظ على قواته التي سيستخدمها بعدئذ ضد جبهات متعددة ،  وقد قام الإنجليز رغم انتهاء الحرب واستعداد الأتراك للخروج من اليمن بالاستيلاء على تهامة حتى الحديدة ، لكي تكون مناطق مقايضة مع الإمام يحيى الذي أدرك الإنجليز وبحكم طبيعة الأمور في اليمن ، ان الإمام سيتطلع إلى تحرير الجزء المحتل من قبلهم وبسط سيطرته عليه،  وقد أخذ الإمام يحيى فعلا وبعد خروج الأتراك من اليمن يتطلع إلى السيطرة على المناطق التي أخلاها الأتراك، بل ويتطلع إلى بسط سيطرته على المحميات في  جنوب اليمن   ، لكن الإنجليز وجريا على سياستهم المشهورة   فرق تسد   قاموا عام 1921م بتسليم ما احتلوه من المناطق التهامية إلى حليفهم الإدريسي والذي وقف إلى جانبهم في الحرب بموجب معاهدة صداقة عقدت بينه وبين الإنجليز عام 1915 م، وهكذا وجد الإمام ، الذي أعلن قيام المملكة المتوكلية اليمنية نفسه محاطا بالخصوم في الشمال والجنوب والغرب ، ومحروما من الموانئ المدرة للمال جراء نشاطها التجاري، بالإضافة إلى تمردات القبائل الرافضة للفردية المطلقة ولسياسة أخذ الرهائن والتعسف في جباية الأموال، وقد واجه سيف الإسلام أحمد بن الإمام يحيى كقائد عسكري لقوات أبيه تمردات القبائل في حاشد وتهامة والبيضاء ببأس واقتدار، كما تمكنت قوات أخرى للإمام من دخول الحديدة بعدئذ دون قتال، وآية ذلك هو موت الأمير محمد الإدريسي المؤسس للإمارة الإدريسية ، لتحل مشاكل خلافة السلطة في الأعقاب وليتسلم الحكم في الإمارة حسن الأدريسي عم محمد المؤسس ، والذي لم يكن بنفس حماس وحنكة المؤسس ، مما مكن قوات الإمام من التقدم شمالا لتحاصر مدينتي صبيا وجيزان ، أهم مدينتين في أعالي الشمال اليمني ، ضمن الإمارة الإدريسية، ولقد رفض الإمام الاعتراف بالإمارة الإدريسية مقابل الدخول في حماية الإمام ، بحجة ان الأدارسة المنحدرين أصلا من المغرب العربي دخلاء على البلاد التي كانت دوما جزءا من البلاد اليمنية التي حكمها أجداده، وقد دفع هذا الموقف الحاسم من الإمام الأدارسة إلى الالتجاء بآل سعود الذين قامت دولتهم في نجد والحجاز على أنقاض دولة الشريف حسين وأبنائه، فعقد معاهدة حماية بين آل سعود والأدارسة عام 1926م بسط السعوديون على إثرها سلطتهم على بلاد عسير، وهي المعاهدة التي لم يعترف بها الإمام ، مما ادى الى مواجهات واشتعال حرب بين الطرفين عام 1934م انتهت بتوغل القوات السعودية داخل الاراضي اليمنية و عجز قوات الامام عن استعادة اجزاء عسير و كانت نتيجة ذلك الوضع العسكري توقيع الاتفاقية بين الطرفين وعرفت واشتهرت بمعاهدة الطائف، وفي مواجهة الإنجليز في جنوب اليمن كان الإمام يحاول ضمن بسط سيطرته على البلاد اليمنية ان يبسط سيطرته على المحميات الجنوبية فدخلت قواته الضالع للضغط على بريطانيا كي تسلمه الحديدة، وليعلن عدم اعترافه بخط الحدود الذي رسمته اتفاقية بين قوتين غازيتين على أرض ليست لهما، وقد رأى الإمام ان يستعين بإيطاليا التي تحتفظ بمستعمرات في الساحل الأفريقي المقابل، فعقد اتفاقية صداقة معها عام 1926م ولم يفت الإنجليز مغزى هذه الاتفاقية ، التي شجعت الإمام على دخول العواذل العليا والسفلى إلى جانب تدعيم قواته في الضالع والبيضاء ، كما عقد معاهدة صداقة وتعاون مع الاتحاد السوفيتي في العام 1928م فكان رد فعل الإنجليز على تحركات الإمام هذه هو الحرب التي اشتعلت بين الطرفين عام 1928م ، استخدم فيها الإنجليز الطائرات الحربية التي ألقت على الناس منشورات تهديد وقنابل دمار ألحقت الضرر في جيش الإمام وفي المدن الآمنة التي ألقيت عليها، وقد انتهت هذه الحرب بهزيمة الإمام وإجباره الدخول في مفاوضات انتهت هي الأخرىباتفاقية لحسن الجوار عقدت بين الطرفين ،وقد انسحب الإمام فيما بعد من مناطق المحميات التي دخلها، ومع ان الإمام رفض الاعتراف بخط الحدود الذي رسمته اتفاقية بريطانيا وتركيا ، إلا انه اضطر للتسليم بالوجود البريطاني في عدن لمدة أربعين عاما قادمة ، وهي مدة الاتفاقية ، على ان يتم بحث موضوع الحدود قبل انتهاء مدة هذه الاتفاقية ،

الثورة والوحدة

لقد كان الإمام يحيى إماما كأسلافه من الأئمة في عهودهم الأولى والطويلة، حيث كانت طبيعة الحكم المبرر بالدين والنسب تقوم على الفردية المطلقة المفضية إلى الاستبداد ، إّذ لا حكومة ولا مؤسسات حكم، لقد اعتبر الأئمة الناس رعايا وفي خدمة من  أرادهم الله   أئمة وحكاما للمسلمين، واعتبر الخارج عن الإمام خارجا عن طاعة الله، لقد أمضى الأئمة معظم سني حكمهم في الحفاظ على الحكم وخوض الحرب ضد الطامحين من أئمة آخرين، وضد القبائل المتمردة والشخصيات الطامحة للاستقلال بمناطقها، وهو ما يتطلب الحصول على الأموال الكثيرة للإنفاق على القبائل المقاتلة ضد الخصوم، وللحصول على زينة الحياة الدنيا ورغدها، الأمر الذي يؤدي بالضرورة إلى التعسف في فرض الضرائب على المواطنين، وإطلاق أيدي الجباة في رقاب الناس وأرزاقهم، أما ما يحتاجه الناس وما يطمحون إليه ، ماذا يحتاجون وكيف يجب النهوض بمستوى معيشتهم، فقد كانت من سقط المتاع الذهني، ولم يكن ليشغل الأئمة أنفسهم في جل أحوالهم إلا بواجبات المواطنين تجاههم ، أما مفردات الحرية والتحديث والتطوير الشامل للبلاد والعباد ، والارتفاع بمستوى حياة الناس المعيشية فقد كانت مفردات غريبة على طبيعة الحكم الديني ، ستتألق فيما بعد عند الغيورين من أهل اليمن والطامحين بإحداث تغييرات في حياة المجتمع والسلطة السياسية ، وقد كانت المقارنات بين حال اليمن وحال البلاد الأخرى تقذف باليمن بعيدا في أزمنة التاريخ الأولى ، ولا تمكن من إقامة أي صلة مع عالم القرن العشرين المائج بمختلف التطورات التقنية والعلمية والمذهلة في سرعتها، لقد أغلق الأئمة أعينهم وصموا آذانهم عن كل هذه المتغيرات ، وأقاموا حاجز عزلة منيع خشية على البلاد من الغرباء حسب زعمهم، بينما هي خشية على السلطة من الضياع، لقد تضافرت ويلات البؤس والفقر والعزلة لتجعل من اليمن واحدة من أكثر بلاد الله تخلفا وغرقا في ظلمات الأزمنة البدائية، ومع ذلك فقد كانت المدارس القليلة المتواجدة ومدارس الكتاب والمدارس التي وجدت في جنوب اليمن المحتل وتأثيراتها في مناطق جنوب الشمال، بالإضافة إلى البعثات العسكرية المحدودة أنويه مقاومة تضافرت مع بعضها البعض لتنتج طابورا من الوطنيين الغيورين المطالبين بالتغيير والإصلاح،

لقد كانت هزائم الإمام عام 1934 م كما ذكرنا سلفا فاضحة لطبيعة الحكم الإمامي، لذا ليس غريبا ان تقوم في العام التالي مباشرة أولى المحاولات لإنشاء معارضة منظمة ضد الإمام ، ومع أن المحاولة لم تسفر عن قيام تجمع سياسي من أي نوع ، إلا أنها حشدت قوى المعارضة في الداخل والخارج باتجاه الفكرة ، رافعة شعار الإصلاح ،وقد وجدت كثير من الأصوات الوطنية في مجلة الحكمة الشهيرة والتي صدرت عام 1938م واستمرت عامين فقط قبل ان يتنبه الإمام لخطرها ويغلقها، وجدت متنفسها للتعبير عن طموحات اليمنيين في الإصلاح والمضي نحو التغيير، لكن التبلور النهائي لميلاد أول منظمة سياسية سرية لم يكتمل إلا عام 1940م حين تشكلت في القاهرة ما عرف باسم  كتيبة الشباب اليمني ، التي عبرت عن رغبتها في تجذير المعارضة في الداخل للدفع بطموحات المعارضة إلى الأمام، وهي الطموحات التي لم تكن بعد قد تبلورت أهدافها بوضوح كاف متفق عليه، وفي العام التالي كانت الرؤية أشمل وأوسع عندما أصدرت قوى المعارضة  برنامج هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد قدمت هذه المطالب للإمام يحيى ثم لابنه سيف الإسلام أحمد ولي العهد في تعز، إلا أن موقف الأول لم يكن بأحسن من الثاني، إذ رفضا بنود البرنامج وأخذا يطاردان رموز المعارضة ويتهددوهم بالويلات، بل ويغرون سلطات الاحتلال البريطاني في عدن للضغط على قوى المعارضة ، وقد استجاب الإنجليز لذلك،  واستمرت المعارضة قدما في كشف عيوب النظام الإمامي وتصوير تخلفه عن ركب الأمم المتقدمة، فتشكل عام 1944م  حزب الأحرار اليمنيين  أو ما عرف فيما بعد ب  حركة الأحرار  ، وقد أخذ هذا الحزب عبر المجلات المختلفة يعلن عن طموحاته في التغيير والإصلاح ويكشف عيوب النظام الإمامي البدائي ، وفي عام 1946م شكل الأحرار  الجمعية اليمنية الكبرى  في عدن وأصدروا جريدة  صوت اليمن  الشهيرة، التي أخذت تفضح ممارسات الإمام الظالمة تجاه الشعب وتطالب بالإصلاح والتغيير ، وقد تضمنت وثيقة  مطالب الشعب اليماني   ما أرادته القوى الوطنية حول الإصلاح والتغيير ، حيث طالبت لأول مرة بإقامة حكم دستوري شوروي يرفع أغلال الاستبداد عن كاهل الشعب اليمني، وحتى وجد الاحرار انه لاسبيل لتحقيق طموحاتهم الوطنية في ظل نظام حكم الامام القائم بدأوا في الاعداد للاطاحة بالامام و حكمه وذلك من خلال استغلال الشروخ في اركان الحكم و الاستفادة من اية تحالفات ممكنة ووجد الاحرار ضالتهم في طموح عبدالله بن احمد الوزير للامامة الذي وافق على مطالب الاحرار مقابل عونهم له فقامت حركة 1948م التي نجحت في قتل الإمام يحيى، الا انها لم تنجح في الإطاحة بنظامه ، إذ بعد ثلاثة أسابيع فقط تمكن نجل الإمام سيف الإسلام احمد بن يحيى حميد الدين من الفرار من تعز إلى حجة وهناك تمكن من حشد القبائل إلى صفة مغريا إياها بإباحة صنعاء لهم للسلب والنهب، وتمكن من دخول صنعاء والقضاء على الحركة وقتل وسجن وتشريد زعمائها،ثم أعلن نفسه إماما بدل أبيه، وقد حافظ الإمام احمد الملقب بالناصر لدين الله على نظام الحكم الموروث برمته، رغم تطلعه إلى عقد معاهدات مع دول خارجية كالاتحاد السوفيتي والصين ، بل انه دخل في الاتحاد الثلاثي المشكل إلى جانب اليمن من مصر وسوريا، إلا أن كل هذه الأمور لم تغير شيئا في الواقع المعاش لحياة الناس، ورغم ما أصاب المعارضة من نكسة ووهن في الأعوام التالية لحركة 1948م، إلا أنها تمكنت من إحياء نشاطها ثانية ، بإنشاء منظمة جديدة في عدن هي   الاتحاد اليمني   وبفضل الدعم الكبير المعنوي والمادي من مصر بعد ثورة الضباط الأحرار هناك عام 1952م وتزعم عبد الناصر لفترة من فترات النضال العربي ضد التخلف والاستعمار ومن أجل الوحدة العربية ومجابهة إسرائيل، تمكن الأحرار من مواصلة نضالهم من هناك، لقد كانت القاهرة وإذاعة القاهرة مكانا وأداة لنشاط الأحرار اليمنيين العملي والإعلامي فظهر برنامج جديد للأحرار بعنوان آمالنا وأمانينا  ،

وفي عام 1955 م تطور حادث الحوبان الشهير إلى محاولة انقلابية ضد الإمام أحمد في تعز ، وقبل الوطنيون ان يستبدلوا الإمام بأخيه عله يكون أفضل من الإمام أحمد ولكن المحاولة التي قادها الثلايا آلت بعد أيام إلى الفشل، وتمكن الإمام أحمد من الاحتفاض بسلطته ثانية، واستمرت المعارضة في نشاطها ضد الإمام الذي حاول شق صفوف الحركة بتبني بعض مقولاتها ، لكن المعارضة أصدرت في العام 1956 م برنامجا جديدا بعنوان مطالب الشعب أكدت فيه مطالبها السابقة، ومع ذلك ، وبفعل دأب الإمام على شق الصف الوطني، شهدت معارضة الأحرار المنضوية تحت مسمى   الاتحاد اليمني  بعض الانشقاقات ، لكن زخم المعارضة استمر في التصاعد داخل البلاد وخارجها عبر التجمعات الوطنية لليمنيين التي تشكلت بشكل خاص وفاعل في كل من الحبشة وبريطانيا، وحشدت المهاجرين اليمنيين نحو فكرة الجمهورية والتخلص من نظام الإمامة العتيق والمتجاوز زمنيا، وفي السنوات التالية زاد هذا الاتجاه تجذرا في أوساط جماهير أوسع من الشعب اليمني، بفضل انتشار الأحزاب الوطنية السرية بمشاربها الفكرية المختلفة ، وقد ساهم بعض الضباط في التمهيد للثورة حين أرادوا عام 1961م التخلص من الإمام في الحديدة ، إلا انه نجى من القتل مثقلا بالجراح التي لازمته حتى وفاته في 19 سبتمبر 1962م ، فخلفه ابنه البدر محمد الذي أعلن تمسكه بخط أبيه في السياسة والحكم، وكانت قناعة القوى الوطنية في البلاد لأحداث التغيير الجذري في طبيعة الحكم قد دفعت بترتيبات الثورة قدما، وبعد أسبوع فقط من تولي الإمام البدر مقاليد الحكم، أي في 26/سبتمبر 1962م انفجرت الثورة اليمنية المظفرة التي أطاحت بالإمامة جسدا وفكرا ، ومع الثورة سقط التبرير الديني لحكم لسلالات، ليحل محله التبرير الجماهيري لحكم القادر على خدمة البلاد والعباد بإخلاص واتفان ، ومن أي من أبناء الشعب اليمني دون قصر على سلالة أو قبيلة أو مذهب، لقد أخرجت ثورة سبتمبر بأهدافها الستة المعلنة اليمن فعلا منظلمات العصور البدائية وبراثن الجهل والفقر والمرض إلى رحاب التاريخ المعاصر بمتغيراته المتنوعة، بعد عام فقط من قيام الثورة في شمال اليمن كانت ثورة يمنية أخرى في 14 أكتوبر من عام 1963م تنطلق من جبال ردفان ضد المحتل البريطاني ، لتقض مضجعه، ولتجبره على الرحيل في 30 نوفمبرعام 1967م ، بعد أربع سنوات فقط من اندلاع الثورة،

ورغم جلاء الاستعمار البريطاني في 30 نوفمبر من عام 1967م ، وتوحيد السلطنات المتعددة في جنوب اليمن ، إلا ان أهل اليمن قد شهدوا أول انتكاس قوي لأمانيهم في إعادة توحيد اليمن الذي شطره الغرباء ، فاليمن طوال تاريخه الذي مر بنا لم يشطر رسميا إلا من قبل الغرباء، أما ما حدث في اليمن من دول ودويلات تقاتلت على السيادة والنفوذ، فلا يجب ان يكون مستغربا إن قلنا أن تاريخ تلك الدول والدويلات بما فيه من حروب من أقوى الأدلة على وحدة التراب والإنسان اليمني ، إذ كانت تلك الدول أو الدويلات تتسمى بأسماء أسرية ، صليحية ، رسولية ، طاهرية ،كثيرية قعيطية،الخ، داخل اليمن ، وتحاول كل دولة ان تفرض سيطرتها على اليمن بكامله ولا تقبل بوجود جزء منه تحت سلطة دولة اخرى في حين انها لم تتجه لتجاوز ذلك و الاعتداء على الاخرين خارج نطاق اليمن ، أي ان كل الدول والدويلات اليمنية كانت تعي الحدود الجغرافية و التي تسعى في اطارها لبناء دولة يمنية كبرى قوية، ولم تحاول أي من الدول الموحدة لليمن والقوية ان تتجاوز ما اعتبرته المجال الجغرافي الحيوي لتوسعها لتذهب معتدية إلى بلاد   الغير  ، وعليه فإن تبادل النصر والهزيمة بين الدول اليمنية المختلفة وداخل إطار جغرافي محدد هو الذي صاغ الوجدان اليمني وحدوده الجغرافية ، ولا يجوز أبدا فهم الحروب بين الدول اليمنية على أنها حروب من أجل حدود جغرافية أو بين أقوام لا صلة لبعضهم ببعض، يكفي ان نشير ان اسم اليمن ظل موحدا رغم تنوع أسماء الدول والدويلات ، وهو الاسم الذي شطره لأول مرة كما ذكرنا الإنجليز والأتراك في اتفاقية الحدود بينهم عام 1914م، وحاولوا صياغة شخصية خاصة لجزء من اليمن تباين الأخرى، لذلك لا غرابة في أن يبدو هذا التشطير القصير العمر نسبيا نشازا في تاريخ اليمن ، وهذا الوضع النشاز هو الذي حافظ على مشاعر اليمنيين تجاه الوحدة كمخزون وطني ضاغط على الحكام الذين لم يستطيعوا تجاوزه ، وإن أوهموا أنفسهم بأنهم قادرين، ولذلك كانت الانتكاسة النفسية كبيرة لدى اليمنيين وهم يرون ان الأجنبي الآخر الذي شارك في التشطير يجبر على الرحيل ولا تتم الوحدة بعد رحيله ،

لم تتم الوحدة بعد جلاء الإنجليز بفعل تشابك وتعقد الاتجاهات السياسية وهيمنة الإيديولوجيا على طبيعة أنظمة الحكم العالمي آنذاك والمؤثرة على مصائر البلدان الصغيرة والضعيفة ، واخذ الشطران تحت تأثير الأيديولوجيات السياسية و الوضع العالمي القائم يبتعدان سياسيا عن بعضهما فيما أفئدة الجماهير اليمنية في كل اليمن تلتهب شوقا لإعادة توحيد اليمن، ولم يكتف الشطران بالابتعاد عن بعضهما ، لكنهما خاضا حربين داميتين في الأعوام 72 و 1979م ، وظلت أشواق اليمانيين نحو الوحدة تعبر عن نفسها بأشكال شتىو في كل اتفاقية عقب كل حرب او ازمة في العلاقة بين الشطرين الى ان تحققت الامال باعلان الوحدة اليمنية و قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م